في رحاب معرض الدوحة الدولي للكتاب.. د.حنان الفياض:
الدوحة الوطن
في أجواء فكرية شهد الصالون الثقافي في معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين، المقام تحت شعار «من النقش إلى الكتابة»، ندوة بعنوان «الكتاب العربي بين الواقع والمأمول».
وشارك في الندوة الأستاذة الدكتورة حنان الفياض، المستشارة الإعلامية لجائزة الكتاب العربي، وسط حضور لافت من المثقفين والأكاديميين ورواد المعرض.
استهلت الدكتورة الفياض حديثها بالعودة إلى مسيرة الكتاب العربي منذ بداياته في النقوش القديمة وصولًا إلى الكتاب الرقمي التفاعلي، مشيرة إلى أن هذا الامتداد التاريخي العريق يجعل من الكتاب العربي ليس مجرد منتج ثقافي، بل وعاء لهوية وحاملًا لذاكرة الأمة.
وقالت إنه على الرغم من الصورة المشرقة المتمثلة في النشاط الملحوظ للنشر في عدد من الدول العربية، وتزايد دور النشر وتنوع الإصدارات والإقبال الجماهيري على معارض الكتب مثل معرض الدوحة، فلا بد من الاعتراف بوجود تحديات كبيرة تعترض طريق الكتاب العربي من أبرزها تراجع معدلات القراءة في العديد من المجتمعات العربية، لأسباب مركبة تشمل النظام التعليمي، والعوامل الاقتصادية، وهيمنة الوسائط الرقمية، خاصة لدى الأجيال الجديدة، إلى جانب صعوبات النشر والتوزيع، وغياب سوق عربية موحدة للكتاب، وضعف التسويق المهني.
كما نبهت إلى خطورة القرصنة الرقمية التي تهدد حقوق المؤلفين واستدامة صناعة النشر، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تحرم المبدعين من ثمرة جهدهم وتؤثر سلبًا على جودة المحتوى.
وأضافت الفياض، أن حركة الترجمة في العالم العربي ما تزال ضعيفة مقارنة بالطموحات، سواء باتجاه نقل المعرفة من اللغات العالمية إلى العربية، أو العكس، وهو ما يحرم القارئ العربي من التفاعل مع الفكر الإنساني العالمي، ويحول دون وصول الإبداع العربي إلى الخارج.
وفي هذا السياق، دعت الدكتورة حنان الفياض المستشارة الإعلامية لجائزة الكتاب العربي إلى تبني استراتيجيات وطنية شاملة لدعم صناعة النشر، تشمل البنية التحتية والتشريعات المحفزة، والحوافز الاقتصادية، والتكامل بين المؤسسات الثقافية والتعليمية.
ثم انتقلت للحديث عن الأفق المستقبلي للكتاب العربي، مشددة على أهمية تطوير الشكل والمضمون معًا. فشكل الكتاب يحتاج إلى جودة في التصميم والإخراج الفني وتبني أدوات التكنولوجيا، بينما يتطلب المضمون محتوى عميقًا يواكب قضايا العصر ويحفز على التفكير النقدي، لاسيما في أدب الطفل والناشئة، والمجالات العلمية والفكرية.
وقالت الفياض: «نحلم بكتاب عربي يكون مرآة لمجتمعاتنا، وجسرًا للتواصل مع العالم، ومصدرًا للإلهام والمعرفة»، مضيفة أن الترجمة النوعية والمشاركة في المحافل الدولية خطوات ضرورية لبلوغ العالمية.
و استعرضت الدكتورة حنان الفياض تفاصيل جائزة الكتاب العربي، مؤكدة أنها ليست مجرد جائزة بل مشروعا ثقافيا متكاملا بدعم كريم من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في المشهد الفكري العربي، عبر تكريم الجهود المتميزة وتعزيز روح التنافس في الإنتاج العلمي والأدبي.
وأوضحت أن الجائزة تغطي خمسة مجالات أساسية هي: الدراسات اللغوية والأدبية، والدراسات الشرعية، والتاريخية، والمعاجم وتحقيق النصوص، والدراسات الاجتماعية والفلسفية. وتُمنح في فئتين: فئة «الإنجاز المفرد» للكتب التي تشكل إضافة نوعية، و”«فئة الإنجاز» التي تكرّم الشخصيات أو المؤسسات ذات العطاء الثقافي الممتد.
وختمت الدكتورة الفياض محاضرتها بالتأكيد على أن الكتاب العربي يظل ركيزة أساسية في بناء الإنسان والمجتمع، وأن جائزة الكتاب العربي هي منصة من منصات النهضة الثقافية التي تعيد للكلمة المكتوبة ألقها، قائلة:
«سيظل الكتاب شعلة لا تنطفئ، وجائزتنا ستبقى حافزًا دائمًا لكل من يحمل القلم ويصنع الأثر».
وفي سياق متصل سجلت جائزة الكتاب العربي حضورًا لافتًا في معرض الدوحة الدولي للكتاب من خلال جناح خاص شهد تفاعلًا كبيرًا من الزوار والمثقفين، وعكس اهتمام الجائزة بتعزيز حضور الكتاب العربي والارتقاء بمكانته في المشهد الثقافي العربي والعالمي.
وحول هذه المشاركة أعربت الأستاذة الدكتورة حنان الفياض، الناطق الرسمي باسم جائزة الكتاب العربي، عن الاعتزاز بالمشاركة في ملتقى ثقافي بحجم معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي يجمعنا عامًا بعد عام تحت مظلة المعرفة والقراءة.
وقالت إن حضورنا في المعرض يأتي انطلاقًا من إيماننا العميق بأهمية أن نكون في قلب هذا الحدث الثقافي الكبير، حيث نلتقي بجمهور القراء والمثقفين والناشرين، ونعرفهم بالجائزة وأهدافها السامية، لأننا نؤمن بأن هذه الجائزة تسهم في الارتقاء بالكتاب العربي وتعزز من قيمته الحضارية.
المصدر