نظمت سلسلة من الندوات واللقاءات التعريفية في أهم المؤسسات الثقافية المصرية
جريدة الوطن
اختتمت جائزة الكتاب العربي جولة ثقافية وعلمية مكثفة بالعاصمة المصرية القاهرة، وثمن عدد من المثقفين والأكاديميين المصريين دور الجائزة، التي تمنحها دولة قطر، في تعزيز التواصل الثقافي بين الدول العربية، والارتقاء بمستوى الإنتاج المعرفي في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية.
جاء ذلك خلال سلسلة من الندوات واللقاءات التعريفية، التي نظمها وفد إعلامي من الجائزة برئاسة الأستاذة الدكتورة حنان الفياض، المستشارة الإعلامية والمتحدث الرسمي باسم الجائزة، خلال زيارته إلى مصر.
وقد أبرزت الجولة أهمية الانفتاح على العلماء وأهل البحث في مواقعهم، والاهتمام بتفصيل شروط الترشح، واقتراح استحداث فروع جديدة للجائزة، ومنها فرع للترجمة، وآخر لدعم المفكرين غير القادرين على النشر، كما طُرحت تساؤلات حول شمولية الترشح، وتعزيز العدالة الثقافية، وتوسيع نطاق الجائزة لتشمل العواصم العربية، وقد أجمع الحاضرون في اللقاءات المختلفة على أهمية هذه المبادرة في دعم الفكر العربي وإعادة الاعتبار للبحث العلمي والدراسات الجادة.
واختتمت سلسلة الندوات العلمية بندوة أقيمت في رحاب المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، أدارها الأستاذ الدكتور عادل ضرغام، العميد السابق لكلية دار العلوم بجامعة الفيوم، مؤكداً في كلمته أهمية الجوائز المتخصصة في الدراسات، لا سيما في زمن طغى فيه الاهتمام بالإبداع السردي على حساب المشاريع الفكرية الرصينة. وشدّد على أنّ جائزة الكتاب العربي تمثل محاولة لاستعادة التقدير المستحق لـ «الراهب الباحث» الذي يغوص في أعماق المعرفة.
وقدّمت الدكتورة حنان الفياض عرضًا وافيًا عن رسالة الجائزة وأهدافها ومجالاتها الخمسة، مشيدة باستجابة المجلس السريعة لعقد الندوة، وباحتضان مصر للحراك الثقافي العربي.
من جانبها، تناولت الدكتورة امتنان الصمادي التحديات التي تواجه الكتاب العربي، في ظل تطورات النشر والذكاء الاصطناعي.
بينما أكد الدكتور عمر قدور، رئيس اتحاد الأدباء السودانيين، أهمية التخصص في الجوائز العربية، مُبدياً استعداد اتحاد الكتاب العرب للتعاون مع الجائزة.
كما ثمّن الدكتور إيهاب النجدي، أستاذ اللغة العربية بالجامعة العربية المفتوحة، تركيز الجائزة على البحث والدراسات، مشيرًا إلى أنها ترسّخ قيمة «العلم المغني عن الحاجة». واقترح طباعة خاصة للكتب الفائزة وتحويلها إلى مواد سمعية ومرئية. وأعربت الإعلامية ياسمين إبراهيم من إذاعة صوت العرب عن تقديرها لما وصفته بالدبلوماسية الثقافية القطرية من خلال هذه المبادرة، داعية إلى استحداث فرع خاص بالترجمة.
وكان وفد الجائزة قد قام بزيارة خاصة إلى مجمع اللغة العربية، حيث التقى عددا من أعضائه في حوار علمي وفكري تناول دور المجمع التاريخي في خدمة اللغة والمعرفة. وشدد الحضور على أهمية الجائزة بوصفها امتدادًا حديثًا لمجالس العلم والرعاية الثقافية التي عرفها التراث العربي.
وقدّمت الدكتورة وفاء كامل، أول سيدة تفوز بعضوية المجمع، مداخلة لافتة عن العلاقة بين الحوسبة واللغة، وانتقدت خجل العلماء من الترشح للجوائز، مؤكدة أن «الهدف الأسمى هو خدمة العلم». وبدورها، تحدثت الدكتورة حنان الفياض عن ضرورة الوصول إلى العلماء في أماكنهم، نظرًا لصعوبة وصولهم إلى منصات التقديم والاشتراك، لأسباب تتعلق بالتقنية أو التواضع.
أما الدكتور عبد الحكيم راضي، عضو المجمع، فقد أبدى قلقًا عميقًا من تراجع «الجدية الثقافية»، واعتبر الجائزة محاولة واعية لـ «تصحيح المسار». وشكر دولة قطر على هذه المبادرة التي رأى فيها بعثًا لذاكرة الأمة الثقافية.
وفي لقاء خاص، أشاد الدكتور عبد الحميد مدكور، القائم بأعمال رئيس المجمع، بشمولية الجائزة وتفردها، واصفًا يوم الزيارة بأنه «يوم سعيد من أيام المجمع»، مؤكدًا أن الجائزة توازي أرقى الجوائز العربية من حيث منهجها ومجالاتها.
وفي المكتبة المركزية لجامعة القاهرة، قدم وفد الجائزة ندوة موسعة بحضور الدكتورة سرفيناز حافظ، مديرة المكتبة، التي رحبت بالمبادرة، معتبرة أن «إعادة الاعتبار للكتاب الجاد في وعي الأجيال الشابة» ضرورة ملحّة.
واقترح بعض المتداخلين إصدار طبعة خاصة للكتاب الفائز، وتقديم قراءة نقدية له، وتحويله إلى محتوى إعلامي، صوتيًا ومرئيًا، كما أكدوا أهمية اللجنة الإعلامية للجائزة بوصفها نافذة حيوية للتواصل مع الجمهور العربي.
وكان اتحاد الكتاب المصريين قد احتضن ندوة مركزية مهمة عن الجائزة، تحدث فيها الدكتور علاء عبد الهادي، رئيس النقابة والأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، أكد فيها أن الجائزة «تحمل طابعًا قوميًا بامتياز»، وأنها تُعبّر عن رسالة قطر في إشراك النخب الثقافية العربية.
ودعا الدكتور عبد الهادي إلى ترجمة الأعمال النقدية المميزة إلى لغات العالم، مشيرًا إلى أنّ الذكاء الاصطناعي «لا يستطيع ترجمة الفلسفات الكامنة خلف العمل الإبداعي»..
وطُرحت أفكار جديدة، كاستحداث جائزة «القارئ العربي»، وتوزيع الفوز إلى مراتب متفاوتة (أول، ثاني، ثالث) لتعزيز المنافسة، كما جرى النقاش حول أهمية تصنيف الفائزين وترتيبهم على نحو دقيق.
وأكد المتحدثون أن العدالة الثقافية تقتضي أن تصل الجائزة إلى العلماء، لا أن تنتظرهم، مشددين على أنّ شرعية الجوائز تستمد قوتها من شرعية الممنوحة لهم.
كما قدم الوفد ندوة خلال جولته بجمهورية مصر العربية في مكتبة الإسكندرية بحضور مدير المكتبة الدكتور أحمد زايد حيث شارك فيها كل من الأستاذة الدكتورة حنان الفياض المستشارة الإعلامية لجائزة الكتاب العربي، والدكتورة امتنان الصمادي المنسقة الإعلامية للجائزة، والدكتور مدحت عيسى مدير مركز ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية.
وقد فتحت اللقاءات التي أجراها وفد الجائزة خلال جولته بمصر بابًا واسعًا من الحوار والتعاون، وطرحت أسئلة ضرورية حول مستقبل الجائزة وآليات تطويرها، في سبيل تحقيق رسالتها النبيلة: تكريم الكلمة العالمة، وإعادة الاعتبار للمفكر العربي.الوطن
المصدر